الشاعرة المصرية: هبة محمد
جُــنُونُ الَّلـيْل
وفي الليلِ حينُ تُفِيقُ الظنونُ
وتغفوا النجومُ على مَضجَعي
يراقصُنِي الحزنُ من غيرِ لحنٍ
وينسَكِبُ الفِكرُ في مَخدَعِي
وأنزِفُ روحِي رويداً رويداً
وأَلْثُمُ في غُصَّةٍ أدمُعِي
تُعربِدُ في الليلِ أكوَامُ ذِكْرَى
فتَخرِقُ أصدَاؤُها مسمعِي
تَصُبُّ الحنينَ على الساهِرينَ
وتُرخِي الأنينَ على الهُجَّعِ
وَمَا بينَ صَمْتٍ يَفُتُّ الضُّلُوعَ
وبينَ طَنِينِ الأسَى المُفزِعِ
أُفتِّشُ في أوجُهِ الرَّاحِلِينَ
ففي الليلِ يبقُونَ دوما معي
تَطُوفُ خيالاتُهُمْ كالنَّدَامَى
وأشرَبُ مِنْ كاسِهَا المُتْرَعِ
وفي هَدأَةِ الليلِ تَهمِي حُرُوفِي
وتنسابُ كالماء في أضلُعِي
فأغزِلُ منها غُيوماً وفجرًا
وأعبُرُ من بابهِ المُشْرَعِ
وفي الليلِ أُرسِلُ صوتِي أثيراَ
ينادي على نجْمِيَ الأَلْمَعِ
فَيَنْسَلُّ نجمِي كَخِلٍّ خَؤُونٍ
تخَطَّى النداءَ ولم يرجِعِ
وتِلكَ العفاريتُ ترقصُ حولي
إذا ما أشارَ لها إصبعي
وترسُمُ لي غابةً من دُخَانٍ
أُقَطِّفُ مِن فُلِّهَا المُونِعِ
وآنَسْتُ مِنْ جَانِبِ الليلِ نارًا
تَلُوكُ الضُّلوعَ ولمْ تشبَعِ
وَآهٍ منَ الليلِ كم جَنَّنَتْنِي
تفا…