كتب هذا الكتاب تيموثي سنايدير الذي هو أستاذ تاريخ الأوروبا الشرقية وحرب العالمي الثاني في جامعة ييل الأمريكية. كتب هذا الكتاب لأن بإعتقاده التاريخ يتكرر ولا بُدّ أن نَعتَبِر من الأحداث الماضية؛ وهو لا يخصص المكان بل يعمم الأحداث والعبرة منها على العالم والسياسات والحكومات المختلفة ويجيء بتاريخ العالم كله في دائرة العبرة.
سبب الذي دفع الكاتب لنص هذا الكتاب، كما قال في المقدمة، أنه يرى ميراث الديموقراطية الذي أجداده [أي الأمريكيين القدماء] تركوا لهم، في مرحلة الخطر و الإنهيار من قِبَل الفاشيسم والشيوعية. ويضيف أنه يرى التاريخ يتداول عليهم مرة أخرى فلهذا قسّم الكتاب إلى عشرون درساً الذي يذكّر العالم بأحداث مشابهه حدثت في الماضي وماذا كانت النتائج ليحذر من تكرارها في عصرنا هذا.
من أهم الدروس والنقاط التي أشار اليها الكاتب والتي هي تنفعنا ولا بُدّ من النظر اليها بعين الاعتبار، هو درس الأول و أن [لا تسبقون النظام الطاغي في الطاعة]؛ وهنا يشرح مواقف حصلت في التاريخ أن من خلالها الشعب قام بأخذ بعض الأمور والأعمال الشنيعة بحق أنفسهم قبل أن يُطلب منهم أو يجبرهم الطاغي على ذلك.
سأذكر لكم قسم من الفصل الأول في باب الطاعة التطوعية:
أكثر القدرات التي بيد السلطوية، قد تُعطى لهم تطوعاً! في مثل هذا الوقت الأشخاص مسبقاً يفكرون ماذا تريد او ماذا ستطلب السلطة القمعية ثم بدون لا يُطلب منهم، يقدمونه للحكومة. المواطن الذي اتخذ مثل هذه السلوكيات للمعاملة مع السلطة، سوف يقدم لها أدلة أن ماذا تستطيع أن تفعل به.
الطاعة التطوعية هي مأساة سياسية. يمكن الحكّام منذ البداية لايعرفون أن المواطنون مستعدين يضحون بأي قيم أو أصل من أصولهم؛ أو يمكن النظام الجديد منذ بداية الأمر لايملك الوسائل وطرق النفوذ والتأثير على المواطنون.
وإن أردتم شاهد تاريخي على ذلك، فأذكركم بمجزرة اليهود التي قام بها هتلر. في عام ۱۹۳۸ بعد أن النمساويين استسلموا وجنود الألمان هجموا على النمساء، الطاعة المسبقة من قبل الشعب النمساوي في مارس العام نفسه فطن الحكام النازيين عن ما الذي يستطيعون فعله. في شهر اوت ذلك العام في مدينة فينا استطاع أدولف أيشمان يؤسس المكتب الرسمي لهجرة اليهود. وفي نوفمبر العام نفسه، النازيين الألمانيين حسب سلوك التطوعية التي شاهدوها من الشعب النمساوي في شهر مارس، قاموا بقتل الجماعي ومجزرة اليهود المعروفة في كريستالناخت.
كما ترون شعب النمساوي كان بإمكانه المقاومة وتصعيب الأمر على الألمان لكن هم من قبل أن حتى يُهجم عليهم بصورة رسمية وفقط بدافع كلام من هيلتر، قاموا بالخيانة وبيع الوطن والأرض.
يقول سنايدير في درس الثالث، اجتنبوا من تحكّم حزب واحد في النظام بدال مشاركة الأحزاب المختلفة.
فإذا أردنا نمثل هذا الدرس على مجتمعنا، لابد أن نجتنب من تحكّم الحكومة الإسلامية المحضة؛ أو التنويرية المحضة؛ أو الديموراقطية المحضة؛ فالمفروض كل هذه الأحزاب والمعتقدات تجتمع تحت راية واحدة وتترك الخلافات الفكرية وترى المشتركات فقط وما من مشتركة أعظم من حب الوطن و العمل من أجله.
ثم يذكر في فصلين عن ضرورة القراءة والبحث عن المعرفة والوصول للحقيقة من خلال البحث وليس من خلال المواقع الاكترونية المستهدفة والقنوات التلفيزيونية وما شابه ذلك؛ فكل نظام يُحقن ما يطاب له من أخبار وأحداث لعقول المشاهد. فحذركم من الإيمان بكلما يقال لكم عبر الوسائل الإجتماعية.