الکاتب: حمزه صيّاحي ( ابو خالد)
صدر أخيراً للدكتور خالد لويمي كتاب باللغة الفارسية تحت عنوان (قرائتي روانشناختى از ٤٧ اثر سينمايى ايران وجهان) و ذلك عن دار ( سها) للطباعةو النشرفي طهران في صيف هذا العام ( ۲۰۲۱ م – ۱۴۰۰ش)بصفحات عددها مائة وعشرة من القطع المتوسط يسلط الضوء فيها على مجموعة من الافلام السينمائية عبر قراءة ادبية اكادمية لها وهي افلام اختارها على أنها مميزة ومعروفة وقد اخذت الشهرة والصدارة في عالم السينما في الاعوام الأخيرة.
يقول الناشر: في الصفحة الأخيرة من الكتاب: لقد سعى الكاتب وحسب تشخيصه ان يُظهر اهم الآثار السينمائية العالمية والإيرانية التي تناولت وعالجت ذات الإنسان النفسية أخيراً و أن يسلط الضوء عليها ، قاصداً ان يقرأها ويأولها من زاوية محددة .
حجم المؤلَف محصور بين صفحات ليست بالكثيرة حيث بلغت مائة وعشرة و لذا يُجيز لنا ذلك او نستطيع ان نسميه بالكتيب ، ولكن لو اردنا مطالعته و استكمال فهمه وادراكه ، عندها لابد لناان نواجه حجماً آخر حيث نجد انفسنا امام مجموعة ضخمة جداً من العطاءات تدفعنا الى التأمل فيها والتوقف عندها من ابداعات متشابكة كثيرة مكملة بعضها البعض ، وهذه العطاءات جميعاً بتنوعها واختلافها مؤسسةً تكويناً جميلاً واحداً و غير قابل للتفكيك، ابداعات تأخذنا الى ميادين الآداب والعلوم والفنون الجميلة وأخرى غير قابلة للحصر في جملةٍ او جملتين ، واذا اردنا ان نحصر انفسنا فقط في اطار المشاهده بقصد التسلية لوجدنا ان هذه المشاهدة تلزمنا صرف ساعات عديدة تقرب الى المائة اي ما يعادل اربعة ايام متتالية بنهارها وليلها ودون ان تدع لنا جفناً يركن للاسترخاء .
ان اي انتاج تصويري حتى يكون مميزاً وذات قيمة فنية عالية يجب ان تجتمع فيه كل الاركان والدعائم المكونة ..تلك التي تنبض بالعطاء والخدمة الانسانية التي تميزه عن الآخر ، فالفنون والآداب والتقنيات الأخرى هي التي تسهم مجتمعة” لتولد في النهاية مولودا جديداً مميزاً ومحدداً يدخل في اطار و فن السينما فالقصة القصيرة والرواية تبقى كماهي ونزيد على ذلكإذ تتحول الى عرضا روائياً او وثائقيا صادقاً ومجراً لأحداث ولا يمكن تصنيفها ضمن اطار فن السينما..
بل ان الاركان المكونة واجزاء هذا الفن ، وكل الادوات المرتبطة وتقنيات العصر االالكترونية المبتكرة ذات الصلة والتأثير في الصوت والصورة والموسيقى والضوء وكذلك الحس والحركة ،و الخيال ورؤية المخرج ، وغيرها هي الادوات التي يقودها المخرج والفنانون الآخرون لتشترك جميعاً في خلق كيان واحد ذات موضوع ومفهوم غائى واحد ومحدد يؤثر في المتلقي اي المشاهد دون مباشرة هي التي يمكن تصنيفها ضمن اطار فن السينما والمنتج يمكن ان نسميه بالفلم السينمائي .
وخلافاً للغة التعليم المباشرة فأن الاسقاط المفهومي ، بات اليوم عند المجتمعات العصرية خصوصاً في المؤسسات التعليمية على جميع مستوياتها اسلوباً رائجاً ، و انتقال المفاهيم الثقافية الأنسانية المتجددة التي تزيد وتضئ عطاءات المبدعين والذي يتلقاها المجتمع المتحضر باستمرار عبر المسارح ، المتاحف ، المعارض ، والسينما.. ومحطات اخرى اسلوباً متجذراً سائداً نامياً ومتعارفاً … اما الالقاء الابوي والخطاب المباشر
هذا الاسلوب المتراجع في التأثير فقد غدا في أغلب المجتمعات الأورپية المتحضره في حالة انحسار و افول مستمر .
حينما يأخذ العطاء المفهومي عبر وسيلة الأسقاط مكانته الأولى والرئيسية في مجال التعليم والثقافة على جميع المستويات نرى المتلقي للمعلومات المطروحة في تزايد متطرد و حرية اكتساب المفاهيم ، والرغبة والمتعة وكذلك الإندفاع لتلقيها وبتلهف يسارع في النضج الثقافي للاشخاص الامر الذي يدفع بالنضج المجتمعي الخالي من الفردانية والأمراض الأجتماعية الأخرى التي تسود المجتمعات المتخلفة وتهيمن عليها وتفقدها كل مناصي الحياة المبدعة والمتقدمة كما انه يؤسس على الدوام مجتمعاً ناضجاً قادراً لأن يضطلع بوعي بدور ريادي و بثبات .
اما حينما تكون عملية صنع الذات الانسانية عبر اعطاء المعلومة والمفاهيم قهراً كما لو ان معلماً او مدرباً او اي مثيل لهما ، ،مدنياً او عسكرياً يلزم طلبته او يجبرهم بالاستماع والأخذ بالتعاليم مقابل محفزات معينة او بدونها ، فإننا امام اسلوب يؤسس لجدران مقاومة من فسائل صلدة تمنع تفاعل العقل مع المحيط..وربما تجعل من انسانناحائراً بين التلقي بالاسلوب التقليدي البطئ الغير حر وبين ماهو في عالم التقدم من كثرة المعلومات والمفاهيم عبر وسائل جديدة متجددة تعطيه حرية الاختيار او تدفعه للإنزلاق في محيط مجهول ربماتخضعه للمفاهيم الأسوأ ليصبح بالتالي ببغاءً غير متفاعل بعقله في افضل الأحوال .. ان الاسلوب التقليدي اصبح غير مرغوباً فيه الأمر الذي بات يدق اجراس الخطر في سقوط العقول والمجتمعات في بحر المفاهيم التي تفرغ الانسان من شخصيته الانسانية في غياب الوسائل السليمة والفاعلة الضامنة لحرية التلقي بذوق ومتعة كالسينما من اجل تغذية العقلية الحضارية الانسانية المطلوبة .
ان الكتاب من خلال قراءته يحمل في شكله او ظاهره عنواناً لدليل وعرض لسبعة واربعين فلماً سينمائياً عالمياً وايرانياً .
اما في باطنه ومحتواه فهويحكي عن رسالة سامية تسهم بالارتقاء بالذات الانسانية المغلوبة على امرها والتي غادرت واصبحت بعيدة كل البعد عن ثقافة السينما الجادة كماغيرها من الأشكال والوسائل الحضارية النوعية ..انها دعوة جادة الى التوجه الى السينما صناعة هادفة او متابعة واقلها مشاهدة الافلام المنتجة والموجودة في وسائل التواصل ، وهي على مقربة من تناول اليد .
وان لم تتوفر المشاهدة بشكله الطبيعي العام ، فبالامكان مشاهدتها بشكل جمعي مصغر حسب المتاح والممكن او في الجمع الاسري او الفردي ، لتلقي العطاءات والتمتع في تنمية ذاتنا وثقافتنا هذا الذي يرسم لنا ويعطينا الشئ الكثير.
ان الكاتب حينما يكشف الجانب النفسي في افلامه المختارة لنا ، انما يريد الدخول في زاوية مهمة من المحتوى بقصد اظهار فائدة ارادها وابرزها الفلم نفسه واصبحت عنوان عطائه .. وبتبعه قصد الكاتب معالجة ذاتنا التي قسى عليه الدهر وافقده الأمل بالحياة ، الحب ، الجمال ، التضحية والايثار ، الاستقامة …. وغيرها الكثير .
ومن باب آخر يكشف لنا معالم الحياة وروائع الفنون و يدلنا على الثقافة الحقة ويفتح لنا ابواب المفاهيم الجميلة ، لا اقول اكثر حتى لا اكون مباشراً في اعطاء فكرة كل فلم على حده ولن ادخل في افكار الكاتب حتى اترك لكم حرية الاستكشاف من خلال قراءة كل عنوان وعرض فلم مع مشاهدة الفلم نفسه
ان السينما تجمع لنا اعظم ابداعات الفنون وتصوغها مجتمعة وبجمال يبهر الناظر ويشده وتقدمه في طبق من ذهب . . .والدكتور خالد اللويمي الإعلامي وكاتب القصة القصيرة البارز يقدم لنا عبق او اريج وردٍ عبر سبعة واربعين فلماً سينمائياً في مزهرية واحدة.
هر گونه کپیبرداری از این مطلب، با ذکر نام منبع و مؤلف آن بلامانع است. copyright©