بقلم: أماني الكعبي
صوت حفيف الأشجار يملأ الشارع. عدا شجرة الصفصاف تلك؛ تبدو حزينة، حتى العصافير لا تقترب منها، قد أبدو لكم ككائن مجنون، لكني بالفعل أستطيع أن أشعر بحزنها وجمالها، من لون أوراقها الباهت الذي يبدو كعتيقة. واخضرارها لا يسرّ الناظرين، وعلى الرغم من أنها تشعرني بغربة عجيبة؛ إلا أنّي أحب رائحتها التي يتقزز منها أولئك المترفون السُذج.
تشدّني محاولات الأطفال وجدالهم على من يركب الأرجوحة ويتزحلق أولا، ليت جدالات عالم الكبار كانت مثل جدالاتهم تلك؛ بكل هذه العفوية والجمال.
وآتي الآن للقسم الذي يشبه روحي و مرآتي إنه شط العرب وسُفنه التي تأسرني رائحة خشبها المتعفن؛ كم وددت أن أكون بحَّارة حتى أستمتع بكل هذا الجمال، فالبحر مُلْكٌ للبحّارة فهنيئا لهم على هذه الملكية.
آتي إلى هذا الميناء كل يوم تقريبا، أرى فيه الأسماك وهي تسعى بكل جهدها للبقاء ولكن محاولاتها غالبا تؤدّي للفشل، فكان الموج دائما يجرّها نحو اليابسة، وجبني يمنعني أن أقفز وأرمي بها إلى الشاطىء.
همهمة القصب الشامخ تبدو موسيقى إلهية؛ عندما تتحرش بصرحها العالي تلك الريح المشاغبة.
ضحكات السكارى على الكراسي وتسكع المدمنين وشرود أذهان المارة بأحلام اليقظة بعيدة المنال، والدراجات النارية.. آه كم أكره مرورها وأنا أصور مقاطع الفيديو ٫ فإنها تلوث سمعي وكل مخيلتي.
نباح الكلاب الذي يأتي من خلف سوق السمك الذي يعج بالصريخ، وحده هذا الصوت لايزعجني، وأشعر بأن هذا المخلوق صادق لدرجة أنه لاينبح عبثا.
محاولات الباعة على الأرصفة لإقناع زبائنهم.
وجوه بعض المارة وقد ينظر إلي بعضهم بعبوس واستغراب، ربما يكون السبب في ذلك هو أني امرأة تحمل بيدها كاميرا وتمشي وحدها تلتقط الصور.
وإني أعيش هذه التفاصيل العادية كل يوم تقريباً جانب شط العرب السوق المركزي.
غير أني لا أراها عادية٫ وأشعر بأن هذه التفاصيل البسيطة جدا هي من تكتبني ولست أنا التي أكتبها.
جميلة تلك الحياة، جذابة ومخادعة كالبُهرج الخداع “مهما ظلمتنا وسحقتنا، نزداد تعلقا بها”.
يجوز نسخ المقال مع ذکر المصدر. copyright©